ارجو أن تُمعن النظر قليلًا في الرسم البياني الموجود في الأعلى، وإن كانت البيانات كثيرة إلى حد ما، فركّز على الأجزاء المتوفرة باللونين الأخضر والكحلي فقط ودعك من بقية الألوان.
هذا الرسم البياني يوضح حصّة أنظمة تشغيل الأجهزة الذكية منذ عام 2009 وحتى العام الحالي، حيث نلاحظ أن سيمبيان Symbian كان من المُسيطرين إلى جانب بلاك بيري أو إس، ليخرجوا من السباق رسميًا ويحل مكانهم أندرويد الموجود باللون الأخضر.
تركيزي في هذا المقال على اللون الأخضر – نظام أندرويد – فقط دونًا عن غيره، أما اللون الكحلي – نظام آي أو إس – فسأعرج عليه قليلًا بين الفينة والأُخرى.
نرى من خلال الرسم البياني أن أندرويد نجح وبقوّة في اكتساح الجميع دون استثناء، فمن نسبة لا تتجاوز 10% في عام 2009 إلى نسبة تفوق 85% في عام 2016، أي بعد سبعة أعوام تقريبًا، وهو رقم ليس بالهيّن أبدًا.
أما بالعودة إلى آي أو إس، مكروه الملايين، النظام المُبالغ فيه، النظام الذي ينسخ من كل حدب وصوب، أو سمّه ما شئت، فإننا نُلاحظ أن نسبته تقريبًا لم تتغيّر في السوق، فهي ارتفعت بمقدار بسيط، ونقصت أيضًا بنفس المقدار.
- طبعًا لم آتي بتسميات نظام آي أو إس من خزانتي الشخصية، لكن مُعظم المُستخدمين يتشاركون في هذه الرؤية، لذا أحببت مشاركتها معكم لكي تكون الآراء جزءًا من المقال.
هذا يعني بشكل أو بآخر أن استراتيجية شركة آبل واضحة جدًا ولا تحتاج لشرح كبير، هُناك شريحة مُستهدفة ومُحددة ترغب في الحفاظ عليها وزيادتها بشكل سنوي ولو بنسبة بسيطة. أما سياسية الذهاب في كل اتجاه فهي ليست من ضمن الاستراتيجيات الحالية، ويبدو أنها لن تكون كذلك خلال العامين القادمين على أقل تقدير.
في أندرويد الوضع مُختلف، فالإطاحة بمنافسين كانوا أقوياء مثل بلاك بيري أو إس أو سيمبيان شيء عظيم، دون نسيان نظام ويندوز من مايكروسوفت الذي كُل ما حاول الوقوف على قدميه، ضُرب بعصى أندرويد وعاد إلى مكانه من جديد. لكن الخوف الآن يأتي من جهة الدخول في منطقة الراحة والأمان الذي سبق للنظام الكحلي أن دخل إليها.
استراتيجية آبل تؤدي بكل تأكيد إلى منطقة الراحة، وبالتالي وعلى صعيد أنظمة التشغيل فهي بدأت قبل أربعة أعوام تقريبًا في المشي على مهل، وعدم إضافة الكثير أو إن صحّ التعبير عدم إضافة الميّزات التي لم نرى مثلها في حياتنا، فالرتابة تقريبًا سيطرت بشكل أو بآخر على النظام الذي بدأت شخصيًا في استخدامه عام 2008 تقريبًا.
لكن ما يُقلقني حقًا هو هذه المنطقة التي لم تقضي على نظام آي أو إس فقط، بل قتلت نظام ويندوز من مايكروسوفت الذي لم يُقدّم الشيء الكثير في مجال أنظمة تشغيل الحواسب منذ سبعة أعوام تقريبًا، منذ صدور ويندوز 7، دون نسيان الكارثة التي سبقته والكارثة التي لحقته.
أي وكخلاصة صغيرة، عندما ترى الشركة نفسها أنها المُسيطر الأكبر، أو ترى أن حصّتها في السوق مُمتازة ولا داع أبدًا لبذل مجهودات إضافية للحفاظ عليها أو زيادتها فإنها تدخل لا إراديًا إلى منطقة الراحة ومُنافسة الذات التي سوف تكون مُلتهبة في البداية، لكنها سُرعان ما تنطفئ.
عند المُنافسة مع شركات أُخرى، تلعب الكثير من العوامل دورًا رئيسيًا في السباق مثل قلق الشركة من نقص الأرباح، قلق العاملين فيها من أن لا يكونوا على قدر المُنافسة والإبداع، وبالتالي تخرج طاقات الإنسان الكامنة بشكل مجنون ورائع.
في حين أن نفس الأشخاص لن يكونوا قادرين أبدًا على إخراج نفس الكمية من الطاقات عندما تنحصر المُنافسة مع ذاتهم لأن الخطر أصبح أقل، لنشعر أن الأمر مُجرد سرد لقصة الأرنب والسلحفاة.
بكل تأكيد لسنا كمُستخدمين احرص من جوجل على أندرويد، لكن النفس البشرية طمّاعة، وتاريخ جوجل مع بعض المشاريع التي بدأت بصورة وانتهت بصورة ثانية طويل جدًا، أذكر منها نظّارة جوجل، جوجل هانج آوتس، وبشكل أو بآخر سيّارة جوجل ذاتية القيادة التي لم تتحوّل – حتى هذه اللحظة – إلى مُنتج يستفيد السوق منه، فاسحة المجال أمام أوبر لدخوله بقوّة قبل أيام قليلة.
على اعتبار أن آبل سعيدة بقسمتها من كعكة الأجهزة الذكية في السوق، هل سنرى جوجل تسعى إلى سلب هذه القسمة وتناولها أيضًا، أم أنها سعيدة بقسمتها وسوف تكتفي بها؟
التدوينة الخوف، كل الخوف من مُنافسة أندرويد لنفسه ! ظهرت أولاً على عالم التقنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق