هو موقع يحمل في صفحته الرئيسية عبارة تعريفية تقول: “في مهمّة لجعل العالم مكان أصغر من خلال تبسيط وتسهيل العثور على، والتواصل مع الأصدقاء ورفقاء العمل”. جرى تطويره في الحرم الجامعي الخاص بجامعة هارفورد. وهو موقع استحوذت عليه أمازون في 1998 بعدما نجح خلال سنتين في جمع أكثر من مليون ونصف المليون مُستخدم.
الحديث هنا ليس عن شبكة فيسبوك، بل عن شبكة اجتماعية سبقتها بـ ثمانية أعوام تقريبًا، وهي شبكة PlanetAll التي يقول البعض أنها أول شبكة اجتماعية على مستوى العالم.
قال جيف بيزوس Jeff Bezos، مؤسس شركة أمازون، إن تلك الشبكة هي أكثر مشروع مُبتكر شاهده على الإنترنت في ذلك الوقت. ليقوم فيما بعد بالاستحواذ عليها لقاء 800 ألف سهم، أي ما يُعادل وقتها 90 مليون دولار أمريكي.
بدأ تطوير شبكة PlanetAll في عام 1996 تقريبًا، على يد Warren Adams وBrian Robertson، ونجحت في جمع أكثر من 340 ألف مُستخدم بعد عام من إطلاقها مع انضمام 7000 مُستخدم يوميًا. وهنا نتحدث عن حقبة لم يكن الإنترنت فيها بنفس السرعة والانتشار الذي نشهده في الوقت الراهن، أو الذي ساهم في وصول فيسبوك لما هي عليه الآن.
الشبكة الاجتماعية قدّمت مجموعة كبيرة جدًا من الأدوات، فبعد تسجيل حساب جديد يُمكن للمستخدم تعبئة بياناته مثل مكان السكن، والدراسة، وما إلى ذلك، لتقوم الخوارزميات باقتراح أصدقاء بناءً على المدرسة، أو الجامعة، أو حتى مكان العمل للتواصل معهم عن طريق الإنترنت. كما يُمكن إنشاء مُناسبة ودعوة الأصدقاء إليها ومعرفة عدد القادمين بدقّة، مع خيارات للتحكّم بخصوصية البيانات ومنع أي شخص من الوصول إليها.
ما أثار حفيظة أمازون وقتها هي التقنيات التي تعمل في الشبكة الاجتماعية، والتي كانت وقتها مُبتكرة، فعملاق التجارة الالكترونية لم يكن مُهتمًا بفكرة الشبكات الاجتماعية والتواصل بين المستخدمين. ولم يكن يرغب كذلك في توفير منصّة للبريد الإلكتروني أو مشاركة الرسائل والرابط لأن ياهو كانت تقوم بتلك المهمّة. بل الهدف كان تقديم خوارزميات لاقتراح الهدايا أو الكتب على المُستخدمين؛ فلو قام أحد طلاب كليّة الطب بشراء كتاب ما، ستقوم الخوارزميات باقتراح نفس الكتاب على بقيّة طلاب الطب الذين يقومون بزيارة المتجر.
مع حلول عام 1999 نجحت الشبكة في جذب أكثر من مليوني مستخدم، مع وجود أكثر من 100 ألف مجموعة بداخلها أيضًا. لكن بعدها بعام، قرّر بيزوس إغلاقها مُرسلًا رسالة إلكترونية لجميع مُستخدميها قائلًا إن عملية نقل تقنيات PlanetAll لمتجر أمازون انتهت بنجاح، وبالتالي يُمكن الآن الاستفادة من تلك الأدوات داخل أمازون فقط، فالشبكة الاجتماعية لن تعود موجودة.
في المُقابل، فيسبوك وبعد 13 عام من إطلاقها، نجحت في جمع أكثر من ملياري مُستخدم تحت رايتها بقيمة سوقيّة تُقدّر بـ 435 مليار دولار أمريكي. وهذا كُلّه جاء بفضل مُساعدة أمازون التي لو لم تُغلق PlanetAll، لكان واقع الإنترنت مُختلف تمامًا عما هو عليه الآن.
هل أخطأت أمازون في إغلاق الموقع؟ يرى أحد العاملين في PlanetAll أن القرار صحيح 100٪ لأن الإنترنت في زمن الشبكة الاجتماعية الأولى لم يكن بقوّته عند إطلاق فيسبوك، فالمستخدم لم يكن قادرًا على مشاركة الصور، أو مقاطع الفيديو. كما أن صفحات الويب لم تكن تفاعلية ولم يتوفّر نظام للمحادثات الفورية مثلما هو الحال في شبكة فيسبوك.
أما من ناحية الأرقام، فسعر سهم أمازون في ذلك الوقت كان 14 دولار أمريكي فقط، لكنه الآن وصل إلى 975 دولار تقريبًا. أي أن الأسهم التي حصل عليها أصحاب شبكة PlanetAll ارتفع سعرها من 90 مليون دولار إلى 6 مليار دولار أمريكي في وقتنا الراهن.
في عالم الأعمال والمشاريع الناشئة، المال جزء هام جدًا للاستمرار. وما حصل مع PlanetAll وأمازون لم يكن فشلًا بقدر ما كان تحرّكًا ضمن حدود السوق ومُتطلّباته. ففي عام 1999 كان أقصى طموح هو الحصول على بريد إلكتروني وتبادل الرسائل مع الأصدقاء، وهي الوسيلة الاجتماعية الأقوى في ذلك الوقت.
التدوينة كيف ساعدت أيدي أمازون الخفيّة مارك زوكربيرغ ومهّدت لنجاح فيسبوك ظهرت أولاً على عالم التقنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق