حاولت شبكة تويتر الاجتماعية قبل عامين تقريبًا الاستحواذ على شبكة ساوند كلاود Soundcloud المُتخصصة في مجال مُشاركة المقاطع الصوتية، وجلست على طاولة المفاوضات لوقت طويل قبل أن تنسحب بشكل مُفاجئ دون إيضاح السبب، في خطوة اعتبرها المحللون تُمثّل رغبة تويتر في التمسّك في هوّيتها وعدم التخبّط هُنا وهُناك.
ساوند كلاود في ذلك الوقت كانت – وما زالت – تُعاني من مشاكل كبيرة على صعيد السيولة المالية وحقوق الملكية٬ فهي تهدف لأن تكون منصّة لمشاركة المقاطع الصوتية بشكل حر عبر الإنترنت٬ لكن شركات الإنتاج الموسيقي والفنّي لم تتخلى عن حقوقها المادية والفكرية وحاربت بضراوة في هذا المجال.
وبعد مُضي عامين تقريبًا عادت أخبار تويتر وساوند كلاود من جديد إلى الواجهة٬ وهذه المرّة باستثمار دفعته تويتر وصل إلى ٧٠ مليون دولار أمريكي، وكما هي العادة لم يتم الحديث عن سبب هذا الاستثمار٬ إلا أن غرق تويتر وعجزها عن تحقيق مكاسب ماديّة تمنحها الاستمرار وثقة المُستثمرين كانوا السبب الأبرز وراء هذا الاستثمار السخي.
وبطبيعة الحال لا يُمكننا الحكم على نجاح هذه الخطوة من عدمها بهذه السرعة الكبيرة٬ فالاستثمار لم يمضِ عليه شهر تقريبًا٬ ونحتاج لانتطار النتائج المالية للشبكتين للوقوف بشكل واضح وصريح على جدواه.
قبل عامين كانت رغبة تويتر في الحفاظ على هوّيتها أمر يُحترم وفي قمّة الذكاء، وحتى الاستثمار في هذا الوقت قد يكون كذلك أيضًا. لكن أن ما أعلنت عنه تويتر مؤخرًا لا يُنذر بخير أبدًا٬ ويعكس بشكل أو بآخر التخبّط التقني الذي تعيشه الشبكة التي أراها في الطريق نحو الزوال.
” تويتر تعلن إضافة الملصقات للصور رسمياً للتطبيق ” بهذا العنوان افتتحت مُعظم المواقع الإخبارية نشرتها التقنية٬ فالشبكة سوف تُوفر بدءًا من الأسبوع القادم إمكانية إضافة مُلصقات على الصور قبل مُشاركتها لأننا نعيش في عصر الصوت والصورة بكل تأكيد، ولأن النصوص لم تعد تفي بالغرض على ما يبدو.
إضافة إلى ذلك، سوف تُوفر تويتر إمكانية استعراض التغريدات على حسب المُلصقات التي استُخدمت فيها وهذه الخطوة بكل تأكيد مُفيدة ليس للمُستخدم فقط٬ بل للمُعلنين أيضًا لأن المُعلن سوف يستهدف المُستخدمين وفق معايير تفوق الموقع الجغرافي أو اللغة٬ وستصل المعايير إلى الصور وإضافات المُستخدم عليها.
بكل تأكيد لم تبتكر تويتر هذه الفكرة٬ فشبكة فيسبوك وبعد الإعلان عن نظام ردود الأفعال – بديل زر عدم الإعجاب – أتاحت للمُعلنين إمكانية استهداف المُستخدمين حسب ردود أفعالهم على بعض العلامات التجارية أو المُشاركات٬ وبالتالي يضمن المُعلن أن يظهر إعلانه للمُستخدم الصحيح.
ليس هذا فحسب٬ بل فكرة عرض التغريدات حسب المُلصقات الموجودة بداخلها تُشبه فكرة البحث باستخدام الوجوه التعبيرية Emoji التي أعلنت عنها انستجرام قبل أسبوع تقريبًا، فأهمية الوجوه التعبيرية لا تقل أبدًا عن أهمية مُحتوى المُشاركات التي تُنشر هُنا وهُناك.
هذا ليس كُل شيء بكل تأكيد٬ فإضافة المُلصقات إلى الصور أو مقاطع الفيديو – وهي خطوة سوف تقوم بها تويتر فيما بعد بكل تأكيد – موجودة ومُنذ فترة طويلة في تطبيق سناب شات SnapChat الذي يعيش أزهى فتراته في يومنا الحالي.
وهُنا يأتي السؤال الأبرز : ما الذي تُريده شبكة تويتر الاجتماعية بالتحديد ؟ ولماذا أصبحت تلهث كالطفل الصغير وراء الكرّة؟
لا تستطيع الشبكة الاجتماعية، أو شبكة التدوين المُصغّر كما يُطلق عليها مؤسسوها، الإجابة على هذه الأسئلة بوضوح حتى الآن، فلو كان بإمكانها ذلك، لما تخبّطت بهذا الشكل العنيف لتفقد هوّيتها، وهو ما دفعني للتساؤل في وقت سابق فيما إذا كانت تويتر مُنذ البداية مُجرّد فُقاعة تقنية.
ليس من العيب أبدًا إضافة ميزات جديدة إلى مُنتج موجود في السوق٬ لكن هذه الميّزات يجب أن تكون قيمة مُضافة للمُنتج نفسه وليس ميّزات لا علاقة لها بأصل المُنتج. مُشاركة الصور أصبحت من اختصاص انستجرام أولًا٬ وفيسبوك ثانيًا. أما المُلصقات والأفكار التفاعلية فهي تُنفّذ بأفضل صورة مُمكنة في سناب شات٬ وكم أخشى أن تنسخ تويتر الفكرة وتقوم بتوفير تغريدات ذاتية التدمير، تُحذف بعد ثواني من مُشاهدتها على غرار سناب شات.
يُمكنني تشبيه تويتر في الوقت الراهن بمران فريق برشلونة الإسباني أو أي فريق آخر يُجيد التيكي تاكا، فهي موجودة في مُنتصف الحلقة التي يُكوّنها أمهر اللاعبين الذين يتبادلون الكرة فيما بينهم بسرعة كبيرة، وتسعى هي لخطف هذه الكرة للخروج من مُنتصف الحلقة وإيجاد المكان المُناسب لها بين هؤلاء اللاعبين.
التدوينة تويتر كالطفل الصغير اللاهث خلف الكُرة ظهرت أولاً على عالم التقنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق