تتأهب ديزني لإطلاق خدمة بثها عن طريق الانترنت والتي ستسمى ديزني بلس في نوفمبر القادم، وتشكل هذه الخطوة دخول لاعب من الوزن الثقيل لسوق البث وربما تغيير موازينه بعدما كانت Netflix متحكمة فيه لسنوات. حيث يشكل دخول ديزني تحولاً في سوق البث فالشركة تمتلك مكتبة كبيرة من المحتوى (الأفلام والمسلسلات والبرامج الخاصة).
بالإضافة إلى مكتبة ديزني الخاصة والمليئة بأفلام الكرتون مثل الأسد الملك وعلاء الدين وحورية البحر، فإن الشركة تمتلك استوديوهات مارفل المنتجة لأقوى أفلام الأبطال خلال السنين القادمة، ولوكاس فيلم التي تنتج جميع مايتعلق بسلسلة ستا روارز، وفوكس، بالإضافة إلى شبكة ESPN الرياضية، وكل هذا المحتوى سيكون جزءاً من خدمة بلس حين تنتطلق، ولا أظن أن ديزني ستكتفي بكل ماتملكه ، فهي قادرة على ترخيص العديد من الأفلام والمسلسلات التي لا تمتلكها مثلما تفعل Netflix.
يشكل دخول ديزني تهديد مباشر وقوياً لNetflix وهو أمر تحدث عنه أغلب المحللين منذ تم الإعلان عن الخدمة، ودعونا لا ننسى شركة أبل التي تستعد هي لإطلاق خدمة بثها المسماة Apple TV Plus التي أعلن عنها في مارس 2019، والتي يتوقع أن تنطلق أواخر السنة الحالية في الولايات المتحدة قبل أن تبدأ في التوسع لبقية دول العالم.
تمتلك هذه الشركات قدرة مالية كبيرة، وهم مستعدون لصرف المليارات من أجل انجاح منصاتهم. فبحسب Hollywood Reporter قامت Netflix بصرف مايزيد عن 10$ مليار دولار في إنتاج محتواها الخاص من مسلسلات وأفلام في 2018، وهو لا يعد الرقم الأكبر، فقد صرفت ديزني ضعف هذا المبلغ وأكثر.فوجود محتواك الخاص يحميك من الوقوع تحت رحمة نظام الترخيص من الآخرين، ويعطيك أوراق لتفاوض بها: خذ هذا المسلسل مقابل ذلك المسلسل.
في مواجهة العمالقة
دخول Netflix والانتشار السريع جداً لها في المنطقة أثبت أن هناك تعطشاً للمحتوى الأصلي فمسلسلات مثل La Casa De Papel أو Stranger Things أثبتت أنها قادرة على جلب المشتركين، فقد شوهد هذا الأخير من قبل أكثر من 40 مليون عائلة في أول خمس أيام منذ توفره على الخدمة، بل ودفع بعض الناس للتفكير في الاشتراك أو تجديد اشتراك Netflix لمشاهدة هذا المسلسل، وقد يكون ذلك بسبب حملات Netflix الترويجية لكن يظل المحتوى ممتاز وقد يُبقي المشترك لفترة أطول.
اقتراب دخول هذه الشركات الكبرى للصراع العالمي جعلني أحس أشعر ببعض القلق خصوصاً على الخدمات المحلية وقدرتها على منافسة شركات برؤوس أموال، ومكتبات محتوى كبيرة، ولو قمنا بإلقاء نظرة سريعة على البدائل المحلية لصعب علينا العثور على شركة تشعر أنها قادرة على مناطحة هؤلاء الكبار ولو على استحياء.
لو أردتُ تسميه أشهر خدمات البث المحلية – وأقصد تلك التي تتخذ من الشرق الأوسط مقراً لها – فسوف أسمي StarzPlay وشاهد، وبالرغم من وجود بعض المنصات الآخرى، إلا أنك سوف تسمع عن هذه الخدمتين، أو تراها ضمن قائمة البرامج المثبتة مسبقاً على تلفازك الذكي.
ما يميز شاهد هو قوة المحتوى العربي وبعض المسلسلات الحصرية مثل العاصوف الذي ساهمت MBC في انتاجه (وهي الشركة الأم المالكة لشاهد) كما أن الخدمة تمكنت من ترخيص العديد من المسلسلات والأفلام العربية التي لن تجدها في مكان آخر، مما يجعلها المكان الأمثل لمحبي المحتوى العربي.
ما أعجبني في MBC أنهم تجهزوا لحرب المحتوى الحصري، فقد قاموا خلال السنين الماضية بإنتاج الكثير من المسلسلات الحصرية الخاصة بهم، والتي نرى أغلبها في شهر رمضان. ولو كنت ممن يشاهدون التلفاز بشكل دائم فسوف تلاحظ أن الشركة تروج لخدمة شاهد دائماً في نهاية كل مسلسل لجذب الناس للخدمة، ورغم أن الشركة لم تفصح عن عدد المشتركين في خدمة بلس المدفوعة إلأ أنهم صرحوا مؤخراً بأن عدد المستخدمين الكلي وصل إلى 27 مليون مستخدم وأن نسب المشاهدة في الخدمة المدفوعة زادت بنسبة 64٪.
لو افترضنا أن 1٪ فقط من مشتركي شاهد يدفعون مقابل خدمة بلس فذلك يجعل عدد المشتركين 270 ألف مشترك، وهو رقم لا بأس به مقارنة بخدمة Starzplay التي احتفلت مؤخراً بوصولها إلى مليون مشترك، في حين أن Netflix لم تصرح عن عدد مشتركيها في المنطقة، ويقال أنه تجاوز 3 ملايين مشترك في 2018 أي أنها تمتلك أكثر من ضعف عدد مستخدمي Starzplay وشاهد، كما يتوقع المحللون أن تستمر الشركة في تصدر السوق على المدى القريب.
يبقى هناك قصور في خدمة شاهد وهو المحتوى الغربي والمتنوع الذي تمتاز به Netflix، ولذلك نستطيع أن ننظر إلى الاثنين كمكملين لبضعهما، ولكن Netflix بدأت في ترخيص المسلسلات والأفلام العربية التي بدأنا نشاهد ظهورها على الخدمة مؤخراً، وماهي إلا مسألة وقت لحين انتهاء التراخيص الحالية مع القنوات والخدمات الأخرى حتى نرى المزيد من والمزيد من المحتوى العربي على Netflix، وهذا الأمر سيشكل تهديداً لأغلب خدمات البث وعلى رأسها شاهد وStarzplay.
أعتقد أنه من الأفضل لكل من شاهد و Starzplay أن يفكروا في الاندماج فكلا الشركتين تعتبر مكملة للنقص الموجود في الأخرى، فشاهد المملوكة لـ MBC وعلاقاتها الكثيرة سيكون لها قدرة على عقد الصفقات مع صناع المحتوى المحلي والحصول على محتوى حصري، في حين تتركز قوة Starzplay على جلب المحتوى الغربي وربما في الجانب التقني، كما سيكون بمقدار Starzplay الاستفادة من خدمات O3 التابعة لـ MBC والتي قد تساعدها في انتاج مسلسلاتهم الخاصة.
لأن Netflix تمتلك السوق حالياً فهي غير مهتمة بأي استحواذات، ولا أظن أن أمازون التي تعمل في صمت تفكر هي الأخرى في شراء أي شركات بث في الوقت الحالي، ولأن كلاهما يملكان الكثير من المال، فإن قدرتهم على التحمل لوقت أطول قد تتسبب في خنق بقية المنافسة على المدى القريب والذين لا يملكون نفس الموارد، لذلك فإن أفضل قرار قد تتخذه الشركات المحلية هو الاندماج لمواجهة هذا المد كي لا تخسر في أرضها.
التدوينة هل يجب على خدمات البث العربية أن تندمج؟ ظهرت أولاً على عالم التقنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق