هنالك دعوات قديمة وحديثة لإثراء المحتوى العربية على شبكة الانترنت، مبادرات أقيمت وجهود بذلك، ولازال الكثير من الأفراد وبعض المؤسسات تساهم في إثراء المحتوى العربي عبر مقالات أو تدوينات وعبر مقاطع مرئية منشورة في منصات مشاركة الفيديو واهمها (يوتيوب)، لكن على غرار ذلك هنالك مجهود آخر يبذل وهو أيضاً لإثراء المحتوى العربي، لكن -وكما يبدو- أن ذلك المجهود هو في زيادة كم المحتوى دون الاهتمام بالكيف أو بالجودة، وفي الغالب المحرك الأول لتلك الجهود هو (المكسب المادي).
أن يتحول المحتوى الرقمي إلى مصدر دخل هو أمر طبيعي ليس عليه غبار، لكن المشكلة هي عندما يطغى المكسب على حساب الجودة، عندما يتحول الهدف هو (عناكب) قوقل ومحركات البحث الأخرى بدلاً من عيون القراء، لا مشكلة من الاهتمام بإرضاء العم قوقل وعناكبه بهدف تحسين الموقع في محركات البحث (SEO) لكن يفترض أن يكون هذا الهدف هو من أجل تحسين وصول المحتوى (الجيد) لكل باحث عنه، لا أن يكون وسيلة لإغراق الويب بالكلمات المرصوصة بجانب بعض والتي لا يدري القارئ أين أولها من آخرها.
المحتوى المترجم آلياً
توقفت عند صفحة من الصفحات في الانترنت، تحتوي الصفحة على معلومات لصيانة إحدى الأجهزة المنزلية، حاولت أن أقرأ وأستوعب الكلام لكن دون جدوى، فقد كانت مكتوبة بكلمات عربية، لكنها بصياغة ركيكة جداً، ومن السهل جداً أن تكتشف أنها مقالات مترجمة من لغات أخرى لكنها عبر خدمات الترجمة الآلية (مثل قوقل للترجمة)، لقد كانت جميع مقالات النسخة العربية من الموقع بهذا الشكل.
يمكن استعرض المقالات عبر الرابط التالي:
- http://ift.tt/2z07MDR
عندما تأخذ مقالة من اللغة الإنجليزية أو اي لغة أخرى ثم تترجمها بشكل آلي وتنشرها بدون أي تغيير ومراجعة، فأنت هنا لا تستهدف عيون القراء، بل تستهدف محركات البحث فقط، تريد أن تضلل الزوار بالعناوين الجذابة وتوصلهم إلى حيث الاعلانات المنشورة كي تكسب أنت بعض السنتات، دون أن تقدم فائدة حقيقية للقارئ، أنت هنا تساهم في (كثرة) المحتوى، لكنها كثرة خاوية دون مضمون حقيقي.
النسخ واللصق في اليوتيوب
ظهرت نوعية من الفيديوهات في الاشهر والسنوات الأخيرة تقوم على مبدأ (إعادة إنتاج المحتوى النصي)، حيث يتم أخذ مقالة تحتوي على معلومات غريبة أو جذابة فيتم تحويلها إلى فيديو، مجرد صور وتغطية صوتية وأحياناً صوت آلي، تلك الفيديوهات من مثل: أخطر شواطئ … ، أغرب حيوانات …. وغيرها من الفيديوهات التي يختار لها أصحابها عناوين براقة وصور جذابه ثم تكتشف أن محتواها هش أو أنه منسوخ من محتوى آخر.
هذا يعيدينا إلى مشكلة (النسخ واللصق) تلك العادة التي ساهمت في تضخيم المحتوى الرقمي لكن مع بقاءه خاوياً من الداخل، والتي بدأت تختفي في المحتوى النصي، لكنها ظهرت بشكل آخر عبر المحتوى المرئي، والمشكلة الأخرى أن ناشري تلك الفيديوهات يتجاهلون تماماً ذكر المصادر، وخاصة عندما يتم نقل النص كما هو بدون صياغة جديدة، فقط يمسك الشخص المايكروفون ويقرأ النص، أو يكتبه على شكل فقرات تظهر في طول الفيديو.
أحد الأمثلة على أسلوب (النسخ واللصق) في المحتوى المرئي، هو الفيديو الذي تم تحويله من مقالة منشورة سابقاً هنا في عالم التقنية، والتي كانت عن الأفلام المناسبة لتعلم اللغة الانجليزية، حيث لم يكلف صاحب القناة (المتخصصة في تعليم اللغة الانجليزية) أن يبحث هو بنفسه ويعطي خلاصة تجربته عن تلك الأفلام، ولا حتى أن يعيد صياغة الكلام بطريقته الخاصة، بل أخذ نص المقالة نفسها وحولها إلى فيديو ليصبح محتوىً مكرر يزيد في الكم ولا يساهم في إثراء المحتوى العربي بشكل حقيقي.
- رابط المقالة الأصلية
- رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=6xP8DjDowG0
إن إثراء المحتوى العربي في الانترنت هو هدف عام يساهم في نهضة المجتمع، أما على الصعيد الشخصي فالهدف الأسمى هو أن يترك الإنسان بصمة حسنة خلفه، فالمقالات والفيديوهات ليست سوى علم ينتفع به، صفحات تُنشر في المواقع الرقمية أو الشبكات الاجتماعية أو فيديوهات مرئية، فيصل إليها مئات وآلاف الأشخاص يومياً ليستفيدوا ويتعلموا ثم ينطلقوا لترك بدورهم بصماتهم في هذا العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق